70
قـوة يسـوع

مرقس 4-6؛ متى 9 ،10

أصدقائي المستمعين ..
نحييكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البر الذي أسسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم ‘طريق البر’.

في حلقتنا السابقة، رأينا كيف كان الفرِّيسيون يطلبون أن يهلكوا يسوع؛ لأنه قال أن الله أبوه، وهكذا كان معادلاً نفسه بالله. هذا، وكان هناك جمعاً كبيراً من الناس يتبع الرب يسوع أينما ذهب. وكان بين هذا الجمع البعض الذين صدَّقوا كلام يسوع، والبعض الآخر الذين لم يصدِّقوا. واختار يسوع من بين هؤلاء الذين صدَّقوه اثني عشر رسولاً؛ حتى يكون معهم ويعلِّمهم ويرسلهم ليبشِّروا ببشرى الخلاص.

أما الاثنا عشر رسولاً الذين اختارهم يسوع، فهذه كانت أسماءهم:
.. سمعان الذي يقال له أيضاً بطرس، وأندراوس أخوه، ويعقوب بن زبدي، وأخوه الأصغر يوحنا؛ وهؤلاء الأربعة كانوا صيادين سمك.
.. أما باقي الرسل فهم: فيلبس، وبرثولماوس، وتوما، ومتى العشار (أي جابي الضرائب)، ثم يعقوب بن حلفى، ولبَّاوس الملقب تدَّاوس، وسمعان القانوي، وأخيراً يهوذا الإسخريوطي الذي خانه فيما بعد وأسلمه. (أنظر مت 2:10-4)
أولئك كانوا التلاميذ الاثني عشر الذين كانوا يصحبون يسوع. وكان هناك أيضاً مجموعة من النساء تبعن يسوع حيثما ذهب، وهن:
.. مريم المجدلية التي أخرج يسوع منها سبعة شياطين،
.. ويُوَنَّا امرأة خوزِي وكيل هيرودس، وسوسَنَّة، ونساء أخريات.
وهؤلاء النسوة كن يخدمن يسوع من أموالهن الخاصة. (أنظر لو 2:8-3)

وكما رأينا سابقاً، كان الناس يتعجَّبون من تعليم الرب يسوع؛ لأنه كان يعلمهم بسلطان لم يكن لدى معلميهم الدينيين. ولم يكن سلطان يسوع محدوداً بمجرد كلمات، بل كان مُبرهَناً عليه بالقوات والمعجزات التي يصنعها. لأن الكتاب يقول:
.. ‘‘لأن ملكوت الله ليس بكلام، بل بقوة.’’ (1كو 20:4)
وفي درس اليوم، سنرى كيف كان للرب يسوع قوةٌ وسلطانٌ على جميع مخلوقات وقوى الأرض.

أصدقائي، ..
دعونا نبدأ قراءتنا اليوم، في إنجيل مرقس، الأصحاح الرابع.
يقول الكتاب:
‘‘وقال لهم في ذلك اليوم، لما كان المساء: لنجتَزْ إلى العبر. فصرفوا الجمع، وأخذوه كما كان في السفينة. وكانت معه أيضاً سفن أخرى صغيرة. فحدث نوء ريحٍ عظيم، فكانت الأمواج تضرب إلى السفينة حتى صارت تمتلئ. وكان هو في المؤخِّر، على وسادةٍ نائماً. فأيقظوه وقالوا له: يا معلِّم، أما يهمُّك أننا نهلك؟ فقام وانتهر الريح، وقال للبحر: اسكت! ابكم! فسكنت الريح، وصار هدوءٌ عظيم. وقال لهم: ما بالكم خائفين هكذا؟ كيف لا إيمان لكم؟ فخافوا خوفاً عظيماً، وقالوا بعضهم لبعض: من هو هذا؟ فإن الريح أيضاً والبحر يطيعانه!’’ (مر 35:4-41)

‘‘وجاءوا إلى عبر البحر، إلى كورة الجدريين. ولما خرج من السفينة، للوقت استقبله من القبور إنسانٌ به روحٌ نجس. كان مسكنه في القبور، ولم يقدر أحدٌ أن يربطَه، ولا بسلاسل؛ لأنه قد رُبِطَ كثيراً بقيود وسلاسل، فقطَّع السلاسل، وكسَّر القيود. فلم يقدر أحد أن يذلِّله. وكان دائماً ليلاً ونهاراً في الجبال وفي القبور يصيح، ويجرِّح نفسه بالحجارة.
‘‘فلمَّا رأى يسوع من بعيد، ركض وسجد له. وصرخ بصوتٍ عظيم، وقال: ما لي ولك يا يسوع ابن الله العليّ. استحلفك بالله أن لا تعذبني. لانه قال له: اخرج من الإنسان، أيها الروح النجس. وسأله: ما اسمك؟ فأجاب قائلاً: اسمي ‘لِجِئُون’؛ لأننا كثيرون. وطلب إليه كثيراً أن لا يرسلهم إلى خارج الكورة.
‘‘وكان هناك عند الجبال قطيعٌ كبيرٌ من الخنازير يرعى. فطلب إليه كل الشياطين قائلين: أرسلنا إلى الخنازير؛ لندخل فيها! فأذِن لهم يسوع للوقت. فخرجت الأرواح النجسة، ودخلت في الخنازير. فاندفع القطيع من على الجرف إلى البحر. وكان نحو ألفين، فاختنق في البحر.
‘‘وأما رعاة الخنازير، فهربوا وأخبروا في المدينة وفي الضياع. فخرجوا؛ ليروا ما جرى. وجاءوا إلى يسوع، فنظروا المجنون الذي كان فيه اللجئون، جالساً ولابساً وعاقلاً، فخافوا. فحدَّثهم الذين رأوا كيف جرى للمجنون، وعن الخنازير. فابتدأوا يطلبون إليه أن يمضي من تخومهم.
‘‘ولما دخل السفينة، طلب إليه الذي كان مجنوناً، أن يكون معه. فلم يدعه يسوع، بل قال له: اذهب إلى بيتك وإلى أهلك، وأخبرهم كم صنع الرب بك ورحمك. فمضى وابتدأ ينادي في العشر المدن كم صنع به يسوع. فتعجب الجميع.

‘‘ولما اجتاز يسوع في السفينة أيضاً إلى العبر، اجتمع إليه جمعٌ كثيرٌ. وكان عند البحر. وإذا واحدٌ من رؤساء المجمع اسمه يايرس، جاء. ولمَّا رآه خرَّ عند قدمه. وطلب إليه كثيراً قائلاً: ابنتي الصغيرة على آخر نسمة. ليتك تأتي تضع يدك عليها؛ لتُشفى فتحيا. فمضى معه، وتبعه جمعٌ كثيرٌ، وكانوا يزحمونه.

‘‘وامرأةٌ بنزف دمٍ منذ اثنتي عشرة سنة. وقد تألَّمَت كثيراً من أطبَّاءَ كثيرين، وأنفقت كل ما عندها، ولم تنتفع شيئاً، بل صارت إلى حال أرداً. لمَّا سمعت بيسوع، جاءت في الجمع من وراء، ومسَّت ثوبه. لأنها قالت: إن مسست ولو ثيابه، شُفيت. فللوقت، جفَّ ينبوع دمها، وعلِمت في جسمها أنها برئت من الداء.
[‘‘فللوقت، التفت يسوع بين الجمع شاعراً في نفسه بالقوة التي خرجت منه، وقال: من لمس ثيابي. فقال له تلاميذه: أنت تنظر الجمع يزحمك، وتقول من لمسني؟ وكان ينظر حوله؛ ليرى التي فعلت هذا. وأما المرأة، فجاءت وهي خائفةٌ ومرتعدةٌ عالمةً بما حصل لها، فخرَّت وقالت له الحق كله. فقال لها: يا ابنة، إيمانك قد شفاك! اذهبي بسلام، وكوني صحيحة من دائك!

‘‘وبينما هو يتكلم، جاءوا من دار رئيس المجمع قائلين له: ابنتُك ماتت. لماذا تتعب المعلِّم بعد؟ فسمع يسوع لوقته الكلمة التي قيلت، فقال لرئيس المجمع: لا تخف! آمن فقط! ولم يَدَع أحداً يتبعه إلا بطرس ويعقوب ويوحنا أخا يعقوب. فجاء إلى بيت رئيس المجمع، ورأى ضجيجاً. يبكون ويولولون كثيراً. فدخل وقال لهم: لماذا تضجُّون وتبكون؟ لم تمت الصبيَّة، لكنها نائمة! فضحكوا عليه..!
‘‘أما هو فأخرج الجمع، وأخذ أبا الصبيَّة وأمها والذين معه، ودخل حيث كانت الصبيَّة مضطجعة. وأمسك بيد الصبيَّة، وقال لها: طليثا قومي! الذي تفسيره: يا صبيَّة، لكِ أقول قومي! وللوقت، قامت الصبيَّة، ومشت؛ لأنها كانت ابنة اثنتي عشرة سنة. فبُهِتوا بَهَتَاً عظيماً. فأوصاهم كثيراً أن لا يعلم أحدٌ بذلك. وقال أن تُعطى لتأكل.’’
(مر 1:5-43)

‘‘وفيما يسوع مجتازٌ من هناك، تبعه أعميان يصرخان ويقولان: ارحمنا يا ابن داود. ولما جاء إلى البيت، تقدَّم إليه الأعميان. فقال لهما يسوع: أتؤمنان أني أقدر أن أفعل هذا؟ قالا له: نعم يا سيد. حينئذٍ، لمس أعينهما قائلاً: بحسب إيمانكما ليكن لكما! فانفتحت أعينهما. فانتهرهما يسوع قائلاً: أنظرا، لا يعلم أحد! ولكنهما خرجا وأشاعاه في تلك الأرض كلها.

‘‘وفيما هما خارجان، إذا إنسان أخرس مجنون قدَّموه إليه. فلمَّا أُخرِج الشيطان، تكلَّم الأخرس. فتعجب الجموع قائلين: لم يظهر قط مثل هذا في إسرائيل. أما الفرِّيسيون، فقالوا: برئيس الشياطين يُخرِج الشياطين.’’
(مت 27:9-34)

‘‘وخرج من هناك، وجاء إلى وطنه، وتبعه تلاميذه. ولمَّا كان السبت، ابتدأ يُعلِّم في المجمع. وكثيرون إذ سمعوا، بُهِتوا قائلين: من أين لهذا هذه؟ وما هذه الحكمة التي أُعطِيَت له، حتى تجري على يديه قوَّاتٌ مثل هذه؟ أليس هذا هو النجار ابن مريم وأخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان؟ أوليست أَخَوَاتُه ههنا عندنا؟ فكانوا يعثرون به!
‘‘فقال لهم يسوع: ليس نبيٍّ بلا كرامة إلا في وطنه، وبين أقربائه، وفي بيته. ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة؛ غير أنه وضع يديه على مرضي قليلين، فشفاهم. وتعجَّب من عدم إيمانهم. وصار يطوف القرى المحيطة يُعلِّم.
‘‘ودعا الاثنى عشر، وابتدأ يرسلهم اثنين إثنين. وأعطاهم سلطاناً على الأرواح النجسة.’’
(مر 1:6-8)
.. وأوصاهم قائلاً:
‘‘ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب. فكونوا حكماء كالحيَّات، وبسطاء كالحمام. ولكن احذروا من الناس؛ لأنهم سيسلِّمونكم إلى مجالس، وفي مجامعهم يجلدونكم. وتُساقون أمام ولاةٍ وملوكٍ من أجلي، شهادةً لهم وللأمم. ..
‘‘ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها. بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يُهلك النفس والجسد كليهما في جهنَّم. ..
‘‘لا تظنوا إني جئت لألقي سلاماً على الأرض. ما جئت لألقي سلاماً، بل سيفاً. فإني جئت لأفرق الإنسان ضدَّ أبيه، والإبنة ضدَّ أمها، والكنَّة ضدَّ حماتها. وأعداء الإنسان أهل بيته. من أحبَّ أباً أو أماً أكثر مني، فلا يستحقني. ومن أحب ابناً أو ابنةً أكثر مني، فلا يستحقني. .. من وجد حياته، يضيعها؛ ومن أضاع حياته من أجلي، يجدها.’’ .. آمين.
(مت 16:10-39)

وهكذا، رأينا اليوم، كيف كان الرب يسوع مملوءً بقوة الله في كلٍّ من كلامه وأعماله. إذ بُهِتت الجموع التي تبعته، وقالوا: ‘‘من أين لهذا هذه؟ وما هذه الحكمة التي أُعطِيَت له، حتى تجري على يديه قوَّاتٌ مثل هذه؟’’ (مر 2:6)

فمن أين يا ترى جاء يسوع بقوته وحكمته؟
.. إنه لم ‘‘يحصل’’ عليها من أي مصدر؛ لأنه هو نفسه قوة الله وحكمته. لقد صنع الرب يسوع كل آيات الله هذه على الأرض؛ كي يُظهِر للناس من أين جاء، ومن هو.
فقد كان له سلطانٌ على جميع المخلوقات، وجميع أنواع القوات؛ لأنه كان ‘‘روح الله’’ و‘‘كلمة الله’’. ولهذا، كان يسوع قادراً على تهدئة الريح الغاضبة، وشفاء المتهيِّج التي كانت تسكنه الشياطين؛ وكان ذلك بمجرد نطق كلمة واحدة.
وكانت كل قوة الله غير المحدودة حالَّةً في الرب يسوع. ولهذا، استطاع يسوع أن يشفي المرأة التي كانت تنزف دماً لاثنتي عشرة سنة. فلقد أنفقت تلك المرأة كل ما كان لها من مالٍ على الأطباء وعلاجاتهم؛ ولكن عندما لمست هدب ثوب الرب يسوع، شُفِيَت تماماً. وبالمثل، فعندما لمس يسوع عيني الأعميين، عاد لهما بصرهما.
ولم يكن سلطان يسوع مقصوراً على هؤلاء الأحياء وحسب؛ بل كان له أيضاً سلطانٌ على الموتى! ولهذا، استطاع يسوع أن يعيد الصبيَّة الميتة إلى الحياة مرة أخرى. لقد فاقت قوة يسوع قوة أي نبي من الأنبياء؛ لأنه هو نفسه كان كلمة الله المتجسدة!

نعم، .. إن كلمة الله تخبرنا أن كلَّ قوةٍ وكلَّ سلطانٍ قد أُعطَوا ليسوع المسيح!
ولهذا، فإن آمنت بيسوع كربٍّ ومخلِّص لك، فلن تخاف شيئاً فيما بعد: لا الموت، ولا الحياة، ولا الأرواح الشريرة، ولا العرَّافين، ولا الزمن الحالي، ولا المستقبل! لن تحتاج فيما بعد أن ترتدي تتماً أو تعويذةً، أو تسكب الأموال كعطيَّةٍ لواحد من الأرواح التي تؤمن أنها تحميك من الشر؛ ذلك، لأن الرب يسوع هو حاميك. وهذا هو ما تعنيه كلمة الله عندما تقول:
‘‘فإنه في يسوع المسيح يحل كل ملء اللاهوت جسدياً. وانتم مملوؤن فيه، الذي هو رأس كل رياسة وسلطان!’’ (كو 9:2-10)

أعزائي المستمعين ..
هل تثقوا في ذاك ‘‘الذي هو رأسٌ لكل رياسةٍ وسلطان’’؟ أم أنك مازلت تحاول إرضاء القوات الأضعف والسلاطين الأصغر في هذا العالم؟
نشكركم على كريم إصغائكم! وفي الحلقة القادمة، بإذن الله، سنستمر في قراءة الإنجيل، وسنستمع إلى يسوع وهو يعلِّم الجموع بأمثال ..
وليبارككم الله ويعلِّمكم المعاني العميقة التي أعلنها بخصوص المسيَّا، عندما قال:
‘‘لأنه في يسوع المسيح، يحلُّ كل ملء اللاهوت جسدياً!’’ (كو 9:2، 10)
ــــــــــــــ
 

 الدرس الحادي والسبعون | فهرس دراسات طريق البِرّ | المكتبة | الصفحة الرئيسية