أخطر الجراح

 ولدت Clara Barton في Oxford Mass. في يوم الميلاد بالذات وفي عام 1821.  وهي الصغرى بين 5 أولاد... منذ طفولتها، كانت Clara خجولة جدا، حتى ان غالبا ما دعاها الأولاد "بالقطة الخائفة".

عملت Clara بالتدريس منذ صباها، وكانت تعتني بأخ لها كان مريضا مدة سنتين كاملتين... ولدى إشتعال نيران الحرب الأهلية في أميركا، ذهب الكثيرين الى ميادين القتال، وكان يعود الكثيرمنهم قتلى، والمئات جرحى، ليس لهم من يهتم بهم ليتعافوا...

لم تقدر Clara على إحتمال هذا الوضع، فابتدأت حملة خيرية لمساعدة هؤلا الجرحى، وإمدادهم بالدواء لتخفيف آلامهم. ولم تكتفي بهذا، إذ لمست بأن الحاجة أكبر، خاصة في ميدان القتال...

أصرت هذه الفتاة على الذهاب الى ساحة القتال لتعالج الجرحى هناك. ولدى وصولها الى ساحة الميدان، وجدت بأن الحالة هناك سيئة للغاية، ففي أحد الأيام، عملت في تضميد الجراح، من ظهر يوم السبت، إلى عصر يوم الإثنين، دون أن تذوق أي طعم للنوم.

وفي أغلب المعارك التي كانت تستمر أياما دون إنقطاع، كانت الذخيرة والمدافع تُرسلُ أولا ثم عربات الإسعاف أخيرا... إلا أن Clara إستطاعت أن تقنع القادة بتغيير هذا النظام، فصارت عربات الإسعاف تذهب أولا  قبل الأسلحة.

إمتدت أعمال هذه الشابة الى أوربا وغيرها، حيث كانت تساعد المنكوبين، والجرحى، واستطاعت Clara مع رجل الأعمال السويسري Jean Henry إنشاء مؤسسة عالمية هدفها معالجة وتضميد الجرحى أثناء الحروب والكوارث، وإسعاف المرضى. لم تتردد Clara Barton في أن تسمي المؤسسة "الصليب الأحمر" ولم تزل هذه المؤسسة الى يومنا هذا تؤدي نفس الهدف الذي وضعته هذه الشابة المسيحية.

لقد أسمت Clara المؤسسة بهذا الأسم، إشارة الى أن صليب المسيح  ودمه، هما المضمد الوحيد لكل الجراح. إن ما قدمته وضحت به هذه الفتاة من جهد لتأسيس الصليب الأحمر لعمل نبيل وساما...

لكن من يستطيع تضميد جروح الإنسان النفسية والروحية... عندما تغدو الأمور من كل حول وصوب سوداء وقاتمة، إذ يضيق بنا الأمر من كل نحو، ويختفي حتى الصديق... يقول الكتاب المقدس: بأنه حتى الأم، تنسى رضيعها إبن بطنها، أما هو فلا ينسانا...

إن كل ملك، أو رئيس، أو ذي مقام في هذه الأرض، يجعل له حرس، مستعدين في أن يضحوا بحياتهم من أجل سلامة رئيسهم وسيدهم... لكن الأعجب من ذلك، هو أن خالق السماء والأرض، الله القدوس البار، صاحب العرش الرفيع والسيد القدوس المجيد، صانع كل شيء بكلمة قدرته، جاء بنفسه، ومات هو، من أجلنا نحن العبيد...

فمهما سمت محبة الناس لك ولي، تبقى قاصرت، بل معدومة أمام محبة الله... ومهما تكن مقدار جروحك النفسية والروحية، فعنده وحده تجد الدواء والعزاء...

Back

رجوع الى الصفحة الرئيسية